كتاب عيسى عليه السلام وعلامات الساعة الصغرى والكبرى

جاء في المقدمة: دخل أحمد إلى الحديقة ومعه أكواب العصير اللذيذ (الليمون مع النّعناع المثلّج) الذي اشتهر أحمد بتحضيره... جلس الجميع كما اعتادوا وتركوا لصفاء حرّيّة اللعب بما تريد، ليتسنّى للأسرة إكمال قصّة عيسى عليه السّلام. قالت أمّ أحمد: سبحان الله مرّت الأيّام على سفر الجدّ والجدّة ونحن نفتقدهم في جلستنا هذه... الأولاد... بصوت واحد لا إراديّ... وعدنا جدّنا وجدّتنا بأن نخبرهم باقي القصّة... ابتسم الأبوان لسرعة بديهة الأولاد ودعَوا الله لهم بالتّوفيق دومًا وحفظ صحتهم وحبهم للعلم. أمّ أحمد: وصلنا بفضل الله تعالى إلى معجزات سيّدنا عيسى عليه السّلام، ونلاحظ أنّ القرآن حرص على بيان أنّ ما قَدّمه عيسى عليه السّلام لبني إسرائيل من الآيات هو آيةٌ من آيات الله وفضله سبحانه، ولذلك تكرّرت كلمة "آية" في النّصِّ القرآنيّ الذي أخبر عن تلك الآيات، قال تعالى: {وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [آل عمران: 49 ـ 51]. تكرّرت كلمة آية ثلاث مرّات: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} في البداية. و{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} في الوسط. و{وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} وفي النّهاية... وهذا التّركيز القرآنيّ على آيات عيسى عليه السّلام، دليل على أهمّيّة الآيات للأنبياء، ودليل على أنّ عيسى عليه السّلام عبد الله ورسوله، كان يتلقّى الآيات من الله، ويقدّمها لبني إسرائيل... وبعدما قدّمَ عيسى عليه السّلام آياته لبني إسرائيل أخبرهم أنّ رسالته هي استمرار لرسالة سلفه موسى عليه السّلام في أساسها وروحِها، ولهذا هو مصدّق للتّوراة( ): {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ}... {آل عمران: 50]. أبو أحمد: نعم لقد كانت الآيات تشير دومًا إلى أنّه عبد الله ورسوله، عَلِمَ الله عزَّ وجلَّ أنّهم سيسارعون إلى الكفر بهذه الآيات جميعًا... كان عيسى عليه السّلام حريصًا على التّأكيد على الفصْلِ بين الألوهيّة والعبوديّة، وعلى أنّه عبد الله ورسوله، وأنّ الله ربُّه وربّ العالمين. وكان يخبر بني إسرائيل المدعوّين بذلك، ولهذا ختم بيانه الدّعويّ إلى بني إسرائيل بقوله: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [آل عمران: 51]. جميع الأنبياء مسلمون، وجميع الأنبياء دعَوْا أقوامهم إلى الصّراط المستقيم، جميع الأنبياء توحيدهم واحد... فلا حجّة لهم بأن لا يتّبعوا رسالة محمّد عليه أفضل الصّلاة والتّسليم... أمّ أحمد: نعم. ألا تلاحظون أنّ الآيات السابقة تثبت هذه المعلومات التي جاء بها رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقد دعا النّصارى واليهود بعد صلح الحديبيّة إلى الإيمان بها حينما أرسل الرّسائل لجميع الأمم ليدخلوا في دين الله... أي يتّبعوا منهج الله عزَّ وجلَّ والسّير على الصّراط المستقيم... ولكنّهم لم يتّبعوا هذا النّبيّ الأمّيّ المذكور لديهم في الإنجيل والتوراة... ترى ما كان موقفهم من عيسى عليه السّلام في زمانه... هل آمنوا به؟ هل اتّبعوا هذا الرّسول الآية في خلقه من روح الله؟ لكنهم بعد كلّ هذه المعجزات وبعد كلّ هذه الآيات كفروا به وكذّبوه، واتّهموه بأنّه ساحر كذاب، وأنّ ما معه سحرٌّ مبين. ولم يؤمن به إلّا عدد من الصّالحين منهم، وصفهم الله عزَّ وجلَّ في كتابه المبين "الحواريّين". أبو أحمد: ما معنى "الحواريين" التي وردت في القرآن خمس مرّات، وكلّها في وصف أتباع عيسى عليه السّلام المؤمنين، وكلّها واردة بصيغة الجمع؟ لن ندخل بالمعنى اللغوي لمعنى الحواريين سوى ما رجّحه الإمام ابن كثير أنّهم سُمّوا الحواريّين لأنّهم آمنوا بعيسى عليه السّلام وأيّدوه ونصروه، لأنّ الحواريّين مشتقّة من "حور" وهذه المادّة عربيّة أصيلة. والحواريّ هو: الصّاحب والنّاصر، الذي ينصر النّبيّ ويؤيّده ويتّبعه ودليل ذلك ما رواه البخاريّ ومسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: ندب النّبيّ النّاس يوم الخندق، فانتدب الزّبير، ثمّ ندب، فانتدب الزّبير، ثمّ ندب النّاس، فانتدب الزّبير.
شيرين لبيب خورشيد - الكاتبة لأدب الأطفال والحاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام الأوزاعي في لبنان في فن الإرشاد التربوي تحت عنوان ”القيم الأخلاقية في كتب التربية الإسلامية في الحلقة الثانية في التعليم الأساسي في لبنان” . ❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ العلاقة الزوجية الشرعية ❝ ❞ قصص الأنبياء: قراءة تأصيلية جديدة ❝ ❞ السحر والكتابة بين الواقع والخيال: نموذج تطبيقي ❝ ❞ قصص نبوية بأسلوب تربوي جديد - الجزء الخامس ❝ ❞ قصص نبوية بأسلوب تربوي جديد - الجزء الرابع ❝ ❞ قصص نبوية بأسلوب تربوي جديد - الجزء الثالث ❝ ❞ عيسى عليه السلام وعلامات الساعة الصغرى والكبرى ❝ ❞ تقرير عن كتاب: قصص نبوية بأسلوب تربوي جديد ❝ ❞ كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة ❝ الناشرين : ❞ شبكة الألوكة ❝ ❱
من اليوم الآخر كتب إسلامية متنوعة - مكتبة المكتبة التجريبية.